حوارات

منير العرقي: المهرجانات لا بد أن تتطور… والتجريب ليس قيدًا بل مرحلة منفتحة

منير العرقي

 

حنان الصاوي

منير العرقي، رمز من رموز المسرح التونسي، يمتلك مسيرة فنية تمتد لأكثر من ثلاثين عامًا حافلة بالنجاحات والإبداع. خريج المعهد العالي للفن المسرحي، تمكن من ترك بصمة واضحة في عالم المسرح عبر إتقانه للتمثيل والإخراج.

قاد منير العرقي عجلة الحركة المسرحية بين مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف ووزارة الشؤون الثقافية، حيث أشرف على إدارة الفنون الركحية، مساهمًا بشكل فاعل في تطوير المشهد الفني الوطني.

بيده المبدعة، أخرج أكثر من عشرين مسرحية متنوعة، استطاع من خلالها أن يأسر الجمهور ونال بها عدداً من الجوائز الوطنية والدولية التي تؤكد مكانته كواحد من أبرز المبدعين في المجال.

في إطار فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح، كان لنا هذا اللقاء الخاص مع الباحث والمخرج المسرحي التونسي د. منير العرقي، وواحد من الأصوات العربية البارزة في مجال المسرح الأكاديمي والتجريبي.

في حوار ممتد، فتح العرقي العديد من الملفات حول مسمى المهرجان، أهمية التجريب، وتداخل الذكاء الاصطناعي في العملية الإبداعية المسرحية.

 

س: بداية، ما رأيك في الجدل القائم حول تغيير اسم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي؟

العرقي: نعم، هناك مقترحات بإزالة كلمة “التجريبي” من اسم المهرجان، وأنا أرى أنها خطوة منفتحة وذكية التجريب مهم، لكن المهرجان بحاجة للتوسع وعدم حصر نفسه في تصنيف قد يكون ضيقًا أو جدليًا. مصر بلد كبير، ومسرحها غني، ويستحق مهرجانًا مفتوحًا على كل الأشكال المسرحية. وجود قسم للتجريب داخل مهرجان أكبر وأكثر تنوعًا سيكون الأنسب، تمامًا كما نفعل في أيام قرطاج المسرحية، حيث المهرجان عربي إفريقي، لكنه منفتح على العالم.

س: كيف ترى أهمية دعوة أسماء كبيرة في الفكر المسرحي مثل الباحث باتريس بافيس؟
العرقي: خطوة رائعة تحسب لإدارة المهرجان باتريس بافيس، مؤلف “قاموس المسرح” وواحد من أهم منظريه، قدم الكثير للأجيال العربية، خاصة المغاربية، لأنه كتب بالفرنسية التفاعل المباشر مع هذه القامات يمنح الفنانين والباحثين فرصة لفهم كتاباتهم في سياقها الزمني والمعرفي الحالي، وليس فقط كأفكار جامدة كُتبت قبل 30 أو 40 عامًا.

س: كيف تقيم تطور الحركة المسرحية العربية في السنوات الأخيرة؟

العرقي: أرى تطورًا ملحوظًا، خاصة في إشراك الشباب والنساء بشكل فاعل، وتنوع المواضيع المطروحة لم نعد نكرر أنفسنا، بل أصبح هناك تجديد في اللغة المسرحية،و المسرح العربي اليوم بات أكثر حرية وانفتاحًا، رغم التحديات.

 

س: وماذا عن إدماج الذكاء الاصطناعي في المسرح؟ هل أنت معه أم ضده؟

العرقي: نحن لا نملك رفاهية القرار في إدخاله أو منعه، لأنه دخل بالفعل الذكاء الاصطناعي أداة، ويمكن أن يسهل الكثير من العمليات الفنية، مثل تصميم الإضاءة، الموسيقى، الأزياء، وحتى تحليل النصوص.

لكن لا يجب أن نتركه “يبدع بدلنا”. هو يُكمل، لا يُستبدل الفنان هو من يملك الوجدان والاختلاج، أما الذكاء الاصطناعي فهو وسيلة لتوفير وقت وجهد، لكنه لا يخلق الإبداع من الصفر.

 

س: وما تقييمك للدورة الحالية من مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ؟

العرقي: بصراحة، أنا من المتابعين القدامى لهذا المهرجان، وشاركت فيه منذ عام 2003 هذا العام التنظيم كان مميزًا، العروض متنوعة، والحوار الفكري حاضر بقوة. سعيد جدًا بوجودي هنا، وأعتبر أن المهرجان في طريقه الصحيح، خصوصًا إذا انفتح أكثر على المدارس المسرحية المختلفة.

في حديثه، يجمع د. منير العرقي بين العمق الأكاديمي والرؤية العملية، مؤمنًا بدور المسرح كفن كاشف وثوري، لا يخاف من التجديد ولا يرضى بالجمود. ومن القاهرة إلى قرطاج، يظل المسرح العربي بحاجة إلى أصوات تفتح نوافذ التجريب، وتُبقي جذوة الإبداع مشتعلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى