ذكرى رحيل حسين الشربيني.. الفنان الذي اختار الصمت عنوانًا للنهاية

في زحام النجومية، كان حسين الشربيني مختلفًا. لم يكن يبحث عن ضوء الكاميرات، بل كان يحمل ضوءه الداخلي، ويمشي بهدوء في طريق مزدحم بأصحاب الأصوات العالية، فنجح أن يترك بصمته، دون صخب، وبأداء يحمل عمق الإنسان أكثر من بهرجة النجم.
ولد حسين الشربيني عام 1935، وتخرّج في كلية الآداب ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ليبدأ مسيرة فنية امتدت لعقود، لم يتغير خلالها في ملامحه أو منطقه. حافظ على اتزانه وسط عالم لا يعرف الثبات.
فنان بدرجة “ضمير”
لم يكن حسين الشربيني ممثلًا يؤدي ما يُطلب منه فحسب، بل كان قارئًا جيدًا لما وراء النص. كان يختار أدواره بعناية شديدة، لا يكرّر نفسه، ولا يكرر الآخرين. لعب أدوار الشر بإحساس إنساني، وجسّد الطيبة دون ابتذال.
في أفلام مثل “جري الوحوش”, “الهروب”, “سواق الأتوبيس”, و*”الإرهاب والكباب”*, لم يكن مجرد ممثل ثانوي، بل مركز توازن درامي يضيف ثقلًا لأي مشهد يظهر فيه.
التقاطع بين الفن والإيمان
بعيدًا عن الشاشة، كان حسين الشربيني إنسانًا بسيطًا، متدينًا بطريقته، صادقًا مع نفسه، ومؤمنًا بأن الفن لا يتناقض مع الإيمان، بل يمكنه أن يُعبّر عنه. ابتعد في سنواته الأخيرة عن الظهور الإعلامي، وفضّل العيش في هدوء، حتى في مرضه.
وجاءت لحظة الرحيل في يوم الجمعة، 14 سبتمبر 2007، بعد أدائه صلاة الجمعة، ووسط أسرته. رحيل له دلالته، تمامًا كحياته التي اختار أن تكون بعيدة عن الأضواء ومليئة بالسكينة.
إرث لم تصنعه البطولة.. بل الموهبة والصدق
رغم أنه لم يكن “البطل الأول” في معظم أعماله، إلا أن أثره ظل خالدًا. قدّم أكثر من 90 فيلمًا وعشرات الأعمال الدرامية والمسرحية، ونال جوائز وتكريمات، لكنه ظل يعتبر أن أكبر جائزة هي احترام الجمهور له.
في الذكرى.. يبقى الحضور
تمر السنوات، ويظل اسم حسين الشربيني حاضرًا في الذاكرة، ليس فقط كممثل مميز، بل كنموذج لفنان احترم مهنته واحترم جمهوره، ورحل في صمت، يليق بمن عاش حياته كلها كأنه يصلي.