سميرة عبد العزيز: “الفن رسالة… وأنا بدأت أمًّا وأنا عندي 16 سنة!”

حنان الصاوي
الفنانة سميرة عبد العزيز، وهي أيقونة على خشبة الفن والإذاعة في مصر، احتضنت الموهبة منذ بداياتها في الإسكندرية، حيث نالت كأس التمثيل من الرئيس جمال عبد الناصر أثناء دراستها الجامعية . غاصت في أعماق اللغة العربية واحتضنت أدوار الأمومة الفنية بإخلاص صدّقه الجمهور والنقاد . لم تكتفِ بالتمثيل فقط؛ بل عبرت إلى الإذاعة وحقّقت أثرًا كبيرًا الصوتي، لتصبح صوتًا مألوفًا للبيوت المصرية . وبين صفحات الفن والحياة، جمعت بين الحب والحزن، رفقة الكاتب محفوظ عبد الرحمن، وبقيت إرثًا يُدرّس في الحب والمهنية .
في بيتها الذي تفوح منه رائحة الزمن الجميل، استقبلتنا الفنانة الكبيرة سميرة عبد العزيز بابتسامتها الهادئة وصوتها الذي طالما أسر أذن المستمع والمشاهد لعقود. تحدثنا معها عن البدايات، المسرح، عبد الناصر، الشعراوي، صديقتها فاتن حمامة، زوجها الكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن، وحياتها التي لا تزال مفعمة بالعطاء والبساطة.
س: بدايتك كانت غير تقليدية، وقيل إن الرئيس جمال عبد الناصر كان له دور في دعمك. ما صحة ذلك؟
ج.. ده حقيقي. كنت طالبة في جامعة الإسكندرية، ومثّلت في مسابقة على مستوى الجامعات، وفُزت بكأس الجمهورية والرئيس عبد الناصر سلّمني الكأس بنفسه، وده كان يوم لا يُنسى ووقتها، والدي اللي كان رافض التمثيل، غيّر موقفه لما شاف صورتي مع الرئيس في الجرائد ومن هنا بدأت رحلتي.
س:كيف جسدتِ دور الأم لأول مرة، وأنتِ لم تتجاوزي الـ16 من عمرك؟
ج: كنت صغيرة فعلاً، لكن مخرج المسرحية قال لي: “فيكِ روح الأم”، ومن هنا بدأت ألعب دور الأم، وبقيت “الأم” في أغلب أعمالي يمكن لأنّي كنت حنونة بطبعي وبحب الناس، الجمهور صدّقني وارتبط بيا.
س: هل ساعدك تخصصك في اللغة العربية في تميزك الفني؟
ج: جدًا. أنا خريجة كلية الآداب قسم لغة عربية، وده انعكس على نطقي، إحساسي بالكلمة، وطريقتي في الأداء خصوصًا في الأعمال التاريخية والدينية. اللغة بالنسبة لي مش مجرد وسيلة، دي جزء من شخصيتي وهويتي.
س: متى بدأت علاقتك بالإذاعة؟ وهل لها مكانة خاصة في قلبك؟
ج: بدأت في الإذاعة من بدري جدًا، وكنت بعتبرها بيتي الأول. الميكروفون خلاني أتعلم السيطرة على الصوت والانفعال من غير حركة، وده زوّد عندي الإحساس الداخلي. لسه لحد النهاردة لما بسمع صوتي في إذاعة مسرحية قديمة، بتأثر جدًا.
س: سمعنا إنك التقيت بالإمام الشعراوي لأداء دور ديني. ما كواليس هذا اللقاء؟
ج: فعلًا، قبل ما أقدم دور “أم الإمام الشعراوي”، قررت أروحله بنفسي قابلني بحب كبير، وكان سعيد إني مهتمة بالشخصية دي، وقال لي: “قدّميها بروح طاهرة، والصدق هيكون كفيل يوصل الرسالة” وكانت من أهم أدواري.
س: تم تعيينك عضوًا في مجلس الشيوخ… كيف ترين دور الفنان في الحياة السياسية؟
ج: الفن مش بعيد عن السياسة، لأنه بيعبّر عن الناس، عن مشاكلهم وهمومهم وجودي في مجلس الشيوخ كان بهدف تمثيل الثقافة والمبدعين، وكنت بحاول أطرح قضايا تخص المسرح والتعليم والفنون.
س: تربطكِ علاقة قوية بالراحلة فاتن حمامة كيف بدأت تلك الصداقة؟
ج: بدأت بحكاية بسيطة جدًا، كنا في تسجيل إذاعي، وكانت بتقرأ نص فيه أخطاء لغوية صححت لها كلمة، قالت لي “انتي دارسة عربي؟” ولما عرفت، ابتدت بينا صداقة راقية جدًا. فاتن إنسانة رائعة، متواضعة، وصاحبة ذوق وفن نقي.
س: رغم نجاحك الكبير، ما زلتِ متمسكة بالحياة البسيطة. هل هذا أسلوب حياة؟
ج: أكيد. لسه بنزل أشتري الخضار، وبطبخ، وبحب أقعد مع أحفادي البساطة دي حافظتلي على توازني، وعلى صوتي، وعلى قلبي الفن ما يغرّكش، بالعكس، كل ما تكبر فيه، لازم تكون أكتر تواضعًا.
في كل كلمة من كلماتها صدق، وفي كل موقف لمحة من زمن نقي لم يُدنّسه الزيف. سميرة عبد العزيز ليست مجرد فنانة قديرة، بل شاهدة على عصر، ومثال نادر لفنان يحمل الرسالة بوعي، ويقدّمها بقلب أمّ لا تتصنّع، لأنها من الأصل كذلك.