
في مثل هذا اليوم، 20 أكتوبر عام 1918، ولدت الفنانة الكبيرة ليلى فوزي، إحدى أبرز أيقونات العصر الذهبي للسينما المصرية، والتي لم يكن جمالها الفاتن بوابتها الوحيدة إلى القلوب، بل كان حضورها الهادئ، واختياراتها الرصينة، وموهبتها الصادقة، هي ما رسّخ مكانتها في وجدان المشاهد العربي حتى اليوم.
من أصول أرستقراطية إلى أضواء الفن
نشأت ليلى فوزي في كنف أسرة أرستقراطية؛ فوالدها كان تاجرًا سوريًا مرموقًا، أما والدتها فتركية الأصل هذه البيئة الراقية، المنفتحة ثقافيًا، أنشأت شخصية متميزة منذ صغرها؛ تحمل وعيًا ناضجًا ورؤية مختلفة، انعكست لاحقًا في اختياراتها الفنية.
الوجه الأوروبي الذي فرض نفسه على الشاشة
دخلت ليلى فوزي عالم السينما مدفوعة بملامحها الأوروبية الجذابة، لكن سرعان ما تجاوزت حدود الجمال إلى عمق الأداء. لم تكن مجرد فتاة جميلة على الشاشة، بل ممثلة تُجيد التنقل بين أدوار الرقة والقوة، الدراما والكوميديا، البساطة والتعقيد.
فمنحتها الصحافة لقب “جميلة الجميلات”، وورد في بعض الروايات أن الملك فاروق أُعجب بها بعد أن شاهد صورتها على غلاف إحدى المجلات، في شهادة ضمنية على تأثير حضورها الطاغي.
لكن ليلى، بعزيمتها، تمردت على الصورة النمطية، رافضة أن تكون فقط “وجهًا جميلاً”، وقررت أن تسلك طريقًا فنيًا أكثر اتزانًا وجدية.
حياة عاطفية متقلبة بين الحلم والانكسار
عاشت ليلى فوزي حياة شخصية اتسمت بالتقلبات، والبدايات الحالمة التي انتهت أحيانًا بانكسارات موجعة.
زواجها الأول كان من المطرب عزيز عثمان ، صديق والدها، والذي كان يكبرها بثلاثين عامًا. واجهت رفضًا من الأب، لكنها أصرت على الزواج، لتُصدم لاحقًا بسوء المعاملة، فأنهت العلاقة سريعًا.
أما زواجها الثاني، فكان من الفنان أنور وجدي، بعد طلاقه من ليلى مراد، وهي الزيجة التي أثارت الكثير من الجدل، خاصة وأنها جاءت بعد تردد ورفض متكرر من والدها. لكن المرض فرّق بينهما سريعًا، حيث لم يستمر الزواج سوى 9 أشهر قبل أن يُفارق وجدي الحياة.
ثم تزوجت للمرة الثالثة من الإذاعي جلال معوض، وعاشت معه سنوات مستقرة حتى وفاته، ولم تتزوج بعده.
أدوار لا تنسى ووجود فني راقٍ
رغم أنها لم تكن “بطلة أولى” في كثير من أفلامها، إلا أن ليلى فوزي كانت دائمًا حاضرة في الذاكرة بأدوارها المتميزة.
قدمت شخصية الزوجة المتسلطة في “الزوجة الثانية” ببراعة، ولفتت الأنظار بدورها في فيلم “الناصر صلاح الدين”، كما أبدعت في أفلام مثل “بورسعيد”، “خطف مراتي”، و”لحن حبي”.
وفي الدراما، تركت بصمة خاصة بمشاركتها في أعمال مميزة مثل مسلسل “هوانم جاردن سيتي”، حيث قدمت شخصيات تليق بمكانتها وتاريخها الفني.
نهاية هادئة لفراشة الشاشة
ابتعدت ليلى فوزي عن الأضواء في سنواتها الأخيرة، دون ضجيج أو صراعات، تمامًا كما عاشت. رحلت عن عالمنا في 12 يناير 2005، عن عمر ناهز 86 عامًا، تاركة إرثًا من الرقي الفني، والموهبة الصافية، والاختيارات التي عكست احترامها للفن وجمهورها.