في ذكرى ميلاد بليغ حمدي.. سيد دراويش عصره زواج واحد وعشرات الشائعات

في مثل هذا اليوم، وُلد بليغ عبد الحميد حمدي مرسي، أحد أعمدة الموسيقى العربية الحديثة، الذي ما زالت ألحانه تعيش بيننا، كأنها وُلدت بالأمس. هو العاشق الذي اختبأ خلف الأوتار، والعبقري الذي تحدّى الزمان بلحن، وعاش في قلوب الشعوب بصوته الذي لم يُسمع، بل في ألحان من غنوا له.
■ البدايات: من شبرا إلى المجد
وُلد بليغ حمدي في 7 أكتوبر 1931 بحي شبرا في القاهرة، لأب يعمل أستاذًا للفيزياء في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا). من صغره، تعلق بالموسيقى والغناء، وبدأ تعلم العود في سن التاسعة، ليصبح بعد سنوات قليلة من أبرز ملحني الوطن العربي.
التحق بليغ بكلية الحقوق لكنه سرعان ما تركها ليتفرغ لمعهد الموسيقى العربية، وكان من زملائه في تلك الفترة عبد الحليم حافظ، كمال الطويل، محمد الموجي.
■ الانطلاقة مع عبد الحليم
في بداياته، التقى عبد الحليم حافظ، وقدّما معًا أغنية “تخونوه” (1957)، وكانت بوابة انطلاقه نحو النجومية. بعدها، أصبح الحليم من أبرز من تغنوا بألحان بليغ، وتكررت الثنائية بينهما في عشرات الأغاني الخالدة مثل:
“سواح” – “على حسب وداد قلبي” – “أعز الناس” – “زي الهوا” – “أنا كل ما أقول التوبة” – “مداح القمر”.
■ صوت الثورة والوجدان الشعبي
لم يكن بليغ مجرد ملحن، بل كان صوتًا للثورة والناس. قدّم أعمالًا وطنية خالدة في حرب أكتوبر، أبرزها:
“عدى النهار” (كلمات عبد الرحمن الأبنودي، غناء عبد الحليم)
“البندقية اتكلمت”
“على الربابة بغني” – غناء وردة
“يا حبيبتي يا مصر” – غناء شادية
ألحانه كانت تنبض بالوطن، والوجدان، والشارع.
■ وردة الجزائرية: قصة حب من لحن ودموع
أحب بليغ الفنانة وردة الجزائرية حبًا كبيرًا، وتزوجها في السبعينيات بعد قصة طويلة من الإعجاب المتبادل. كانت وردة ملهمته، وقد لحّن لها أجمل ما غنت، من بينها:
“بتونس بيك” – “خليك هنا” – “لو سألوك” – “العيون السود” – “حنين” – “اسمعوني”.
ورغم انفصالهما لاحقًا، ظل الحب حاضرًا بين النغمات. لم يُرزق بليغ ولا وردة بأبناء، لكن أغانيهم كانت بمثابة أولادهما الذين ما زالوا أحياء في قلوب الناس.
■ مع أم كلثوم: المجد الأقصى
لحّن بليغ لحنا لمطربين كُثر، لكن ذروة مجده كانت حين غنّت له كوكب الشرق أم كلثوم، وكان أصغر من لحن لها في تاريخها. ومن أشهر أعماله معها:
“ألف ليلة وليلة”
“فات المعاد”
“أنساك”
“سيرة الحب”
مزج بين الطرب الكلاسيكي واللحن الشعبي، ليمنح صوت أم كلثوم شبابًا جديدًا.
■ علاقاته الشخصية: زواج واحد وعشرات الشائعات
رغم الشائعات التي لاحقته عن ارتباطه بعدد من الفنانات، لم يتزوج بليغ إلا مرة واحدة من وردة الجزائرية عاش حياته الفنية غارقًا في الألحان، ولم يكن له أولاد.
■ الرحيل في صمت.. والخلود في الأذن
في 12 سبتمبر 1993، رحل بليغ حمدي عن عمر ناهز 62 عامًا، إثر تدهور حالته الصحية بعد معاناة مع تليف الكبد. رحل جسدًا، لكن بقيت ألحانه خالدة، تصدح بها أصوات من رحلوا ومن ما زالوا.
■ إرث فني لا يتكرر
لحّن بليغ لأكثر من 50 مطربًا ومطربة، من بينهم:
فايزة أحمد، نجاة الصغيرة، شادية، ميادة الحناوي، صباح، هدى سلطان، سميرة سعيد، علي الحجار، محمد الحلو وغيرهم.
كما قدّم أوبريتات وطنية، وألحانًا درامية للسينما والمسرح، وابتكر ما يُعرف بـ”اللون البليغي” في الموسيقى العربية.
🎶 كلمات تُلخّصه:
“كل شيء راح.. إلا صوتك جوايا بيصحى الملامح، ينده القلب لما ينسى، يفتكر الحنين”