مسرح

الملك لير: تراجيديا الزمن التي لا تموت”

الملك لير

 

حنان الصاوي

في عودة مهيبة لإحدى أعظم مآسي شكسبير، يتجدد عرض مسرحية “الملك لير” على خشبة المسرح المصري، حاملة معها صوت الإنسانية المجروح، وصدى السلطة حين تنهار، والعائلة حين تنهار أكثر.

هذا العمل الكلاسيكي الذي كُتب في القرن السابع عشر، لا يزال حيًا، ينزف درامًا، ويتحدث بلغتنا المعاصرة دون أن يتنازل عن عمقه المأساوي وأبعاده النفسية.

 القصة التي لا تهدم:

في لحظة غرور وعُمى بصيرة، يقرر الملك لير أن يوزع مملكته على بناته الثلاث، بناءً على مقدار حب كل منهن له بالكلام، فيقع فريسة لكلمات مزيفة، ويتخلى عن ابنته الصادقة كورديليا، فيبدأ نزيف الخيانة والخذلان.

“أنا رجل أكثر مما أبدو.. وأقل مما أتظاهر.” – لير

يعيش لير انكسارًا قاسيًا، يفقد خلاله السلطة، والعقل، والعائلة، في رحلة تراجيدية تنتهي به مشردًا، صارخًا وسط العاصفة:
“دعوا رياح السماء تمزق العالم إن شئتم!”

رؤية مصرية برؤية معاصرة

يُقدم العرض الجديد برؤية إخراجية متميزة ، الذي اختار أن يحافظ على بنية النص الأصلية، مع توظيف سينوغرافيا حديثة، تعكس الفوضى الداخلية لشخصيات المسرحية، خاصة لير الذي يؤديه ببراعة  النجم يحي الفخرني ، في واحد من أكثر أدواره نضجًا.

المشهد الشهير الذي يحمل فيه لير ابنته كورديليا بين ذراعيه، وقد فارقت الحياة، لا يزال يترك الصالة في حالة صمت ثقيل، يتردد فيه صدى صرخته: “أيتها الحياة… عودي إليها لدقيقة واحدة!”

بين النص والواقع

بينما يجسّد العرض خيانة الأبناء، وسقوط الملك، إلا أنه أيضًا يطرح أسئلة معاصرة عن السلطة، العدالة، والمصير. هل يمكن للإنسان أن ينجو من ذاته؟ “إننا نخضع لجنون الآلهة حين يريدون تدميرنا.”

النقاد وصفوا العرض بأنه “محاولة جادة لإعادة قراءة شكسبير بعيون مصرية معاصرة”، حيث وُظّف الأداء الجسدي والموسيقى الحية والإضاءة في خدمة حالة العتمة النفسية التي يعيشها البطل.

“الملك لير” ليست مجرد قصة ملك عجوز فقد مملكته، بل قصة إنسان فقد إدراكه، وعاد ليبحث عن نفسه بين ركام الكرامة والجنون.

على المسرح المصري، تعود التراجيديا كما لم نرها منذ زمن، حية، جارحة، ومليئة بالأسئلة التي لا إجابات لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى