مسرح

حزينة ما زالت… ومرعبة خضرة التل صرخة الجسد في مواجهة صمت العالم

حنان الصاوي

على خشبة خاوية إلا من أجساد ترتدي السواد الموشّح بعبث الألوان، يفتح ستار التجربة المسرحية “حزينة ما زالت… ومرعبة خضرة التل”، حيث يتصدر المشهد ستة ممثلين: سالي قسوس، ديانا باكو، عبد الرحمن جالودي، حمزة أبو الغنم، شذى عليان، وميريل، يجسدون بصمتهم صراعًا يتجاوز الكلام.

يتناقلون مكعبات خشبية، يحاولون بناء شيء لا يعرفون ماهيته، والخوف والغضب يلوّنان وجوههم… حتى يصرخ أحدهم: “إنه الموت”. لحظة صدام بين الحياة والعدم، تُرسم في جسد، لا في كلمات.

حول مائدة، يتحلقون، ينهشون ما فوقها بنهم، جوعهم يتخطى الطعام، إنه جوع للمعنى، للامتلاء، للحياة. حتى إذا ما اكتشفوا أن ما تبقى لا يكفي إلا لواحد، انقضوا عليه كذئاب تتقاتل على الفتات. مشهد يتحول فيه الرفض إلى فعل، والموت إلى سرد آخر للحياة.

في هذا العمل، لا يقتصر الصراع على الشخصيات، بل يمتد ليكون معركة مع الذات، مع الاكتئاب الساكن في تجاويف الجسد. لا مكان للغة هنا، لأن العالم، كما أراد المخرج حمزة أبو الغنم، لا يجيد دومًا الإصغاء.

هذه التجربة التي أعدّ نصها نزار عويس، وساهمت في صناعتها كمساعد مخرج شذى عليان، وتم ضبط إيقاعها فوق الخشبة بإشراف آية الخطيب كمدير خشبة، لا تهدف إلى التفسير ولا تقديم إجابات، بل إلى ملامسة تمزقات الروح الإنسانية، وفتح شقوق الصمت المغلق على الألم.

حزينة ما زالت… ومرعبة خضرة التل ،عمل يصرخ دون صوت، يُرى دون أن يُفسَّر، ويمنحك مساحة لأن تتنفس وجعك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى