رحيل الفاضل الجزيري.. أيقونة المسرح التونسي يترجل بعد أكثر من 50 عامًا من الإبداع

نعت وزارة الثقافة التونسية صباح اليوم الإثنين الفنان والمخرج والكاتب الكبير الفاضل الجزيري، الذي توفي عن عمر ناهز 77 عامًا بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا غنيًا شكّل علامة فارقة في تاريخ المسرح والسينما والموسيقى التونسية على مدى أكثر من خمسة عقود من العطاء والتجديد.
نشأة في قلب الثقافة
وُلد الفقيد في تونس العاصمة سنة 1948، ونشأ في بيئة ثقافية محفّزة، حيث كان والده بائع كتب ومديرًا لمقهى رمسيس ونزل الزيتونة، ملتقى الأدباء والفنانين والمسرحيين، وهو ما ساهم في صقل شخصية الفاضل الجزيري منذ نعومة أظفاره.
خطواته الأولى في الفن
التحق بـ المدرسة الصادقية، وهناك انخرط في الفرقة الدرامية المدرسية إلى جانب وجوه بارزة أصبحت لاحقًا رموزًا ثقافية، مثل عبد الرؤوف الباسطي ورؤوف بن عمر. كما تلقى تعليمه الفني على يد الفنان زبير التركي في الرسم، وتتلمذ على يد محسن بن عبد الله وأحمد لربي في اللغة العربية.
نضال وفن
عرف عنه نشاطه السياسي في شبابه، حيث شارك في مظاهرات 1968 وإضرابات كلية الآداب، قبل أن يسافر إلى لندن لاستكمال تكوينه الفني.
وبعد عودته، ساهم سنة 1972 في تأسيس مسرح الجنوب بقفصة، ثم أسس رفقة رفيق دربه الفاضل الجعايبي سنة 1976 فرقة مسرح تونس الجديد، وقدم أعمالًا مسرحية خالدة مثل: العرس – غسّالة النوادر – عرب – الكريطة.
حضور سينمائي مميز
شارك كممثل في أفلام بارزة مثل:
ترافيرسي (عبور) لمحمود بن محمود
سجنان لعبد اللطيف بن عمار
الميسيا للمخرج العالمي روبرتو روسيليني كما أخرج سنة 2007 فيلمه السينمائي اللافت “ثلاثون”.
المسرح الموسيقي.. بصمة لا تُنسى
ارتبط اسم الفاضل الجزيري بعروض موسيقية مسرحية تاريخية، منها:
النوبة (1991)
الحضرة (1992)
الحضرة 2010
الحضرة 2 (في نسخ متعددة)
المحفل الذي افتتح به مهرجان قرطاج الدولي صيف 2023
آخر ما تركه على الخشبة
وفي دلالة على وفائه للفن حتى آخر أيامه، كان آخر أعماله العرض المسرحي “جرانتي العزيزة”، الذي قُدّم قبل يوم واحد فقط من وفاته، ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي، ليودّع الجمهور من على خشبة المسرح الذي ظل مخلصًا له حتى اللحظة الأخيرة.
برحيل الفاضل الجزيري، تفقد تونس أحد أعمدتها الثقافية البارزة، ورمزًا من رموز المسرح الحرّ والموسيقى الأصيلة، الذي ترك بصمته العميقة في وجدان أجيال متتالية من الفنانين والجمهور.