تصفيق تاريخي لفيلم “صوت هند رجب” في مهرجان فينيسيا: 22 دقيقة من الوقوف تحيةً لطفلة غزّة
في لحظة استثنائية لا تتكرر كثيرًا في تاريخ مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وقف جمهور العرض العالمي الأول لفيلم “صوت هند رجب” يصفق بحرارة لمدة 22 دقيقة متواصلة، في أطول تحية تصفيق شهدها المهرجان هذا العام. التصفيق لم يكن فقط إعجابًا بصناعة سينمائية متقنة، بل أيضًا تعبيرًا عن تضامن إنساني مع قصة واقعية مؤلمة لطفلة فلسطينية فقدت حياتها تحت وابل من الرصاص.
فيلم يوثق لحظات الوداع الأخيرة
الفيلم من إخراج كوثر بن هنية، المخرجة التونسية المعروفة بأعمالها ذات الطابع الإنساني والسياسي، ومن إنتاج مشترك بين عدة جهات، أبرزها قنوات ART، وبمشاركة عدد من نجوم هوليوود كمنتجين تنفيذيين، مثل خواكين فينيكس وروني مارا وبراد بيت وألفونسو كوارون.
يروي العمل اللحظات الأخيرة من حياة الطفلة الفلسطينية هند رجب، ذات الست سنوات، التي قضت في مطلع عام 2024 برصاص الجيش الإسرائيلي، بعدما ظلت عالقة داخل سيارة مع أفراد عائلتها في أحد أحياء مدينة غزة، واستنجدت بفرق الإسعاف قائلة:
“أنا خائفة جدًا، تعالوا من فضلكم.”
لكن نداءها الأخير لم يُنقذها.
بين الدراما والتوثيق
اختارت بن هنية أسلوبًا سينمائيًا يمزج بين التوثيق والدراما، لتقديم قصة إنسانية تهزّ الضمير العالمي. الفيلم ليس فقط شهادة على مأساة، بل صرخة حقيقية أطلقتها والدة هند، وسام حمادة، التي عبّرت عن أملها بأن يصل صوت ابنتها للعالم كله:
“هند رحلت بجسدها، لكن صوتها سيبقى شاهدًا على معاناة أطفال فلسطين.”
دعم عالمي وترشح لجوائز كبرى
يحظى الفيلم بدعم كبير من مجتمع السينما العالمي، ويدخل المنافسة على جائزة الأسد الذهبي ضمن المسابقة الرسمية التي تضم 21 فيلمًا، بينها أسماء بارزة مثل:
Frankenstein لـ غيليرمو ديل تورو
Jay Kelly لـ نوح بومباخ
Bugonia لـ يورغوس لانثيموس
A House of Dynamite لـ كاثرين بيغلو
ومن المقرر أن يواصل “صوت هند رجب” جولته في المهرجانات، حيث يُعرض لاحقًا ضمن قسم العروض الخاصة (Special Presentations) في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي في 7 سبتمبر.
فينيسيا يفتتح بلحظة سياسية إنسانية
وكان قد افتُتح مهرجان فينيسيا بعرض الفيلم الإيطالي La Grazia للمخرج باولو سورينتينو، الذي يطرح قصة رئيس إيطالي يواجه قرارات أخلاقية في نهاية ولايته، مثل الإجهاض والعفو والإعدام الرحيم، في معالجة درامية تعكس صراعات السلطة والضمير.
“صوت هند رجب” ليس مجرد فيلم، بل شهادة بصرية موجعة ترسخ في الذاكرة، تؤكد أن السينما قادرة على إيصال أصوات المظلومين حتى في أقسى اللحظات.
